خرزانة الأستاذ "حسونة".. والملح على الأكل!
***
بداية العام الدراسي - أمام المدرسة
العصافير لا تزال تفرك عيونها بتأثير نوم الأمس. والأب يجذب ابنه الصغير الذي يسير إلى جواره نائما تقريبا. على بوابة المدرسة يقف الأستاذ "حسونة" ممسكا بـ"خرزانة" ملفوفة لاسعة. يهوش بها للطلاب القادمين ويحثّهم على سرعة الدحبيبى يا أبو أحمد إلى المدرسة: اجري يا واد منك له.. اتأخروا كمان شوية عشان تفضلوا سهرانين بالليل تتفرجوا على (الكورة مع شوبير)!
يقترب الأب من باب المدرسة، ثم يسلم على الأستاذ "حسونة" ويدور الحوار التالي:
الأب: استلم البضاعة يا عم... عاوزك تطلعه لي راجل كده بشنبات يقف في وش القطر يكسره!
"حسونة": يا سلام.. غالي والطلب رخيص.. بس أنا خايف أشد عليه كده ولا كده تزعلوا!
الأب: نزعل مين بس!.. فيه مثل في السودان بيقولوا فيه: "إحنا لينا العضم وإنت ليك اللحم"!.. فبتاعك يعني... روّقه!
"حسونة": قوي قوي.. هاضربه لك لو جه بدري أو جه متأخر، ولو عمل الواجب أو ماعملش، ولو جاوب صح أو غلط!
الأب: حبيبي!
ثم ينظر إلى ابنه الذي انكمش في ملابسه ليقول له:
يا لاّ يا "عبده" عاوزك تبقى راجل من ضهر راجل.. وابقى زعّل بقى الأستاذ "حسونة" بس.. وأنت عارف كام خرزانة مستنياك في البيت؟!
الابن مرتعشا: عشرة يا بابا عشرة!
الأب: شاطر يا حبيبي.. وأنا كمان هاجيب واحدة النهارده عشان نبقى كملنا فريق الكورة!
***
بيت مصري - الإجازة الصيفية
الابن وقد تجمعت فيه كل شقاوة أهل الجن والعفاريت. يتحرك فوق المقاعد والمكاتب والترابيزات وفوق السقف وتحت البلاط! وقد استطاع أن يكسر 235 قطعة في البيت في 3 ساعات فقط. ضاربا الرقم القياسي الذي حققه في اليوم السابق! يجلس الأب ساكنا هادئا على مقعده الوثير في الصالة يتابع شاشة التليفزيون التي نجت للتوّ من ضربة حرة مباشرة من ابنه!
تهتف الأم وقد وقفت في قلب الصالة:
يا راجل اعمل حاجة مع الواد.. ماعادش ناقص في البيت غيرنا اللي لسه ما اتكسرناش!
الأب: طب أعمل إيه.. هددته بكل الطرق.. منعت عنه المصروف.. حرمته من إنه يخرج بره البيت.. منعته من الفرجة على "سبيس تون" و "سوبر هنيدي" ومفيش.. هددته إني هاضربه وبرضه ما حصلش حاجة مش ناقص غير إني أعدمه رميا بالرصاص!
الأم: وفيها إيه يعني لما تضربه؟.. أهو ابنك وبتربيه
الأب: لأ إنت عارفة.. إلا الضرب.. أنا عمري عمري ما أضربه أبدا وقط!
الأم وهي تتابع الابن وقد نجح أخيرا في تكسير التليفزيون:
قط! ماشي يا عم القط. قابل بقى اللي بيعمله النمر المفترس اللي مربيينه في البيت ده!
***
"من كان مرباه -"أي تربيته وتنشئته"- بالعسف والقهر من المتعلمين حمله -"دفعه"- ذلك على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر وعلمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقا".
العلامة "ابن خلدون"
***
أصدرت محكمة في مدينة مانشـستر البريطانية أواخر 2004 حكماً بمنع أب من الدحبيبى يا أبو أحمد لمنزله وإبعاده عن أسرته لمدة ستة شهور بعد أنْ أدانته بالتعدي بضرب ابنه في مكان عام حتى طار الطفل، الذي يبلغ من العمر ثلاثة سنوات، من على الأرض.
خبر قديم شوية من وكالات الأنباء
***
وافق البرلمان السويسري في عام 2007 على قانون جديد يمنع الآباء مِن توجيه صفعة لأطفالِهم ، أو شَدّ شعرهم، أو استخدام أيّ شكل مِن أشكال العقوبات الجسدية أو النفسية كالتخويف، على الرغم مِن أنَّ ثلاثة مِن كلِ أربعة سويسريين أعربوا في استقصاءٍ للرأي عن تأييدهم للصفعة.
خبر قديم شوية برضة من وكالات الأنباء
***
"يمكن القول أن الضرب للتأديب كالملح للطعام، فكما أن الملح يوضع بشكل قليل فيغير من طعم الطعام ويحسِّنه، فكذلك الضرب القليل المفيد المثمر هو المطلوب في العملية التربوية".
من مذكرات أستاذ تربوي
***
***
وأنت ما رأيك؟؟
بداية خلينا نتفق إن الضرب التعسفي أو اللي دافعه القسوة والغلظة مرفوض..
هل تربية الأبناء في البيت أو المدرسة لا بد وأن يستخدم فيها الضرب والعقاب البدني كأداة للتقويم السلوكي؟
ولا الحاجات دي بتقلب بعند من الأطفال وبتكبر في دماغهم بقى وبتيجي بنتيجة عكسية؟
وهل ممكن إن العقاب البدني بمختلف صوره يسبب آثاراً نفسية فيما بعد مرحلة الطفولة؟
شايف إنه ممكن فعلا الضرب يغير من سلوكيات سيئة؟
ولا مفيش أحسن من التوجيه والإرشاد الهادئ دون عنف؟
وهل تعرضت وأنت صغير للضرب في البيت أو المدرسة "بقصد التقويم حتى لو اختلفنا مع الوسيلة"؟
إيه السبب؟ والنتيجة كانت إيه؟
جاوب علينا بسرعة بسرعة
وماتخافش
مفيش هنا أي خرزانات!