منذ أعوام كان الأطفال في كل أنحاء العالم يحلفون باسم المصارع الشهير
"The Rock" ويعتبرونه أقرب إلى صديق شخصي لهم منه إلى رجل يقضي حياته في
تمثيلية طويلة وهزلية لعملية مصارعة حرة أكثر عنفًا من اللازم.
اللافت للنظر أن فيلم "The Wrestler"، والذي لفت الأنظار في الفترة
الماضية، قد فضح بشكل كبير ما وراء كواليس عالم المصارعة الحرة هذه، وأراك
كيف يتفق المصارِعان على ما سيقومان بعمله قبل المباراة، وكيف يتصافحان
ويتعانقان بعدها بحرارة الصداقة رغم العداوة التي تبدو على وجهيهما
لبعضهما في حلبة الصراع نفسه، ولكن هذا ليس موضوعنا.
وبعد ذلك حصل داوني جونسون على دوره الأول في عالم السينما في فيلم
"The Mummy Returns" ليبدأ مشوارًا مختلفًا تمامًا عن عالم المصارعة، وإن
تشابه معه بكمية التمثيل بالطبع، ورويدًا تخلى داوني عن عالم المصارعة،
قبل أن يتخلى بدوره عن اسم "The Rock" ويظهر في هذا الفيلم على البوسترات
باسمه الحقيقي "داوني جونسون".
ويبدو أن داوني يحاول المشي على خطى كبير الرياضيين الذين قفزوا إلى
الشاشة الفضية، ألا وهو بطل رياضة كمال الأجسام السابق والممثل السابق
وعمدة كاليفورنيا الحالي "أرنولد شوارزنيجر"، فكما ظهر "شوارزنيجر" في
أوائل حياته المهنية التمثيلية بأدوار قتالية أو تحتاج إلى رجل بعضلات
ضخمة (فكر في كمية التمثيل الرهيبة في فيلم Terminator على سبيل المثال)،
قام بإلحاق نفسه بجزء خاص به من سلسلة "The Mummy" باسم "The Scorpion
King"، ثم كان أسرع بالتعلم من سابقه "شوارزنيجر"، فبدلاً من أن يضيع وقته
في المزيد من هذه الأفلام انتقل على الفور إلى الأفلام الكوميدية في أقل
من عامين، وهي حركة احتاج "شوارزنيجر" إلى أكثر من عشرة أعوام كي يفكر في
تنفيذها.
وبالفعل نجح داوني في تحقيق شهرة لا بأس بها مع الأفلام الكوميدية التي
تحتوي على كمية مناسبة من الأكشن، قبل أن يصبح الممثل المفضل لشركة ديزني
في أفلامها التمثيلية إياها، ليظهر ناجحا في فيلم ديزني في العام الماضي
باسم "The Game Plan"، وليتبع هذا العام بفيلم "Race To Witch Mountain"
ويليه في العام المقبل فيلم "Tooth Fairy".
كل تلك الأفلام تحمل في بدايتها لوجو ديزني المعروف، القصر الذي يأتيه
من البعيد قطار القطب الشمالي، وتطير من فوقه "تنكير بيل" الجنية صديقة
"بيتر بان"، لترسم قوس قزح مضيء، وكلها لا تحمل أي نوع من أنواع الإهانة
لأعين الأطفال، ليس هناك الكثير من العنف (وإن كان هناك الكثير من
الأكشن)، يعملون دائمًا على إيضاح حقيقة أن لا أحد يموت في هذه الأفلام،
لا يوجد أي علاقات جنسية أو عاطفية بين أي شخصين إلا بالتلميح، وكلها تحمل
عاملاً رئيسيًا واحدًا هو: الخيال.
والآن، بعد هذه المقدمة الطويلة حقًا، فلنتحدث عن الفيلم نفسه:
فيلم "Race To Witch Mountain" يبدأ بهبوط مخلوقين فضائيين على الكرة
الأرضية، وقيام سائق التاكسي "جاك برونو" بتحطيم أنوف بعض المجرمين اللذين
يحاولون إقناعه بعودته إلى الإجرام.
لسبب ما تُقرر المخلوقات الفضائية أن "جاك برونو" هو الرجل المناسب
لمهمة إيصالها إلى مكان ما، وهكذا تجد اثنين من المخلوقات الفضائية (شاب
وفتاة في مقتبل العمر يبدوان عاديين جدًا) وقد صعدا إلى سيارة "جاك" وقررا
الاتجاه به إلى منتصف الصحراء بلا سبب واضح.
الآن، كما لك أن تتوقع تستطيع الفتاة أن تتحكم بالأشياء عن بعد، في حين
يستطيع الفتى أن يُغير من كثافة جسده لتزيد، فيصبح حجرًا صلدًا أو تقل
فيصبح بخارًا يخترق كل شيء.
هناك قاتل فضائي محترف يلاحق الشابين، وعميل فيدرالي متحمس يريد القبض
عليهما، وعالمة فيزيائية تحلم بحوار صحفي مطول معهما، وقطار يلاحق التاكسي
داخل نفق ويكاد يحطمها.
في الفيلم كل ما يحلم أخوك الأصغر به وأكثر، الكثير جدًا من القوى
الخارقة التي يمتلكها شباب في مثل عمره، الكثير من المواقف الصعبة التي
يحلونها بأفكار أقرب إلى سوبرمان، "ذا روك" هو قائد سيارتك التي ستذهب بك
إلى الفضاء الخارجي، وهو قادر على تحطيم أنوف أي شخص يريد أن يحطم أنفك.
الفيلم عائلي صرف، يحمل من المغامرات ما يحمله أي فيلم ديزني آخر،
ستستمع به بشكل عام لو تابعته بنصف عقل بعد أن أجبرك أخوتك الصغار أو
أطفالك على حضوره.
أعتقد أن "ذا روك" قد وجد لنفسه مكانًا في عالم السينما، فهو يدرك
تمامًا قدراته السينمائية، وينجح في إيصال ما يحتاج إيصاله بشكل عام إلى
المتفرج، وهو ما تحتاج إليه تمامًا هاهنا.
ليس هناك أي نوع من أنواع التميز من الناحية
الفنية أو التقنية، الإخراج عادي والتمثيل معتاد والجو العام متوقّع، الحل
السحري اللطيف في النهاية متوقع والنهاية السعيدة ستدركها وأنت تشاهد
تريللر الفيلم، لكن هذا لا يمنع على الإطلاق من أن الفيلم نفسه من الممكن
الاستمتاع به كنوع من أنواع الراحة ما بين الأفلام الثقيلة دراميًا أو
تقنيًا التي انتشرت في الآونة الأخيرة.