أعلنت هيئة علماء الجمعية الشرعية الرئيسية أن مشروع قانون الطفل الجديد كما هو ثابت في المادة الثالثة الفقرة (أ) أن مرجعيته هي أحكام الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة في مصر، وليست مرجعيته شريعة الإسلام.
ونبَّهت الهيئة في بيانٍ لها صدر اليوم- يحمل توقيع د. محمد المختار رئيس الهيئة وعضو مجمع البحوث الإسلامية؛ إلى أخطر ما في هذا المشروع من بنودٍ تتعارض مع ثوابت الإسلام.. أولها أن امتداد سن الطفولة إلى ثمانية عشر عامًا يتعارض مع القاعدة الشرعية التي تنصُّ على أن البلوغ هو سن التكليف، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث (منهم) عن الصبي حتى يبلغ".
والخطورة في مدِّ سن الطفولة حتى 18 عامًا تتمثَّل في أمرين: أحدهما تخفيف العقوبة على الجرائم التي يرتكبها من لم يبلغ الثامنة عشرة حتى لو كانت الجريمة تستحق الإعدام، كما هو مبيَّن في المادة 112 وفي هذا تشجيع على الجريمة؛ والآخر منع توثيق الزواج قبل هذه السن، حتى لو خشي ولي أمر الفتاة عليها من الوقوع في العنت مع أن ذلك واجب شرعي بنص الآية القرآنية ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ (النور: من الآية 32)، ولا يجوز لأي قانون في دولةٍ دينها الإسلام أن يقيَّد الواجب أو يُحرَّم الحلال، وبخاصةٍ إذا كان هذا الحلال هو الذي يمنع الانحراف ويضمن العفاف.
ثانيًا: ما نصَّت عليه المادة الثالثة فقرة (ب) من "تأمين المساواة الفعلية بين الأطفال، وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس أو الدين"، وأوضح البيان أن مفهوم هذه الفقرة: ضرورة المساواة بين الذكر والأنثى وبين المسلم وغيره في التوارث؛ مما يتصادم مع نصوص القرآن الكريم والسنة المطهَّرة في مثل قوله تعالى ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ (النساء: من الآية 11).
ثالثًا: تشجيع الأطفال على شكوى آبائهم وأمهاتهم إذا أردوا تقويم اعوجاج ما في أبنائهم، كما في امتناع الطفل عن الصلاة مثلاً في سن العاشرة؛ حيث يأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم ولي أمر هذا الطفل أن يضربه ضربًا غير مبرِّح.
وتتضح الخطورة في المادة (97) بند (4)؛ حيث تنصُّ على: "تلقِّي الشكاوى من الأطفال، ولإدارة نجدة الطفل صلاحيات طلب التحقيق وسلطة الضبط القضائية في مباشرة أعمالهم"، ولم تستثنِ المادة تربيةَ الأبوين، بل أعطى المشروع حقَّ الرصد والمتابعة لوزارة العدل وللمحاكم الابتدائية وللمجلس الأعلى للطفولة، وشرع العقوبة لمن باشر الإساءة للطفل ولمن علم من الجيران بذلك ولم يبلِّغ.
رابعًا: نسب الطفل: وهو ما نصَّت عليه المادة 15 الفقرة الأخيرة على أن: "للأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد مسنوبة إليها كأم"، وترى الهيئة في ذلك شيوعًا للفاحشة وتكاثرًا للقطاء وأطفال الشوارع، كما أن قيد المولود الناتج عن الزنا منسوبًا إلى أمه يتعارض تعارضًا صريحًا مع قوله تعالى ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ (الأحزاب: من الآية 5).
وأكَّد البيان أنه لما كانت اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1989 ثم وثيقة "عالم جدير بالأطفال" الصادرة عام 2006 والتي جاءت لتفسير وتفعيل حقوق الطفل، والتي صارت بنصِّ مشروع القانون هي المرجعية التشريعية الجديدة للقوانين الوطنية المعنية بالطفل؛ فمن حق الجميع أن يعلم أن هذه الاتفاقيات تطالب بتعميم خدمات الصحة الإنجابية للأطفال والمراهقين من تثقيفٍ جنسي لهم وإتاحة وسائل منع الحمل، كالعازل الطبي، ورعاية المراهقة الحامل، وإباحة الإجهاض لها لو أرادت؛ وذلك قبل حلول عام 2015، كما أكَّدت تلك الاتفاقيات؛ الأمر الذي يشجِّع شيوع الفاحشة وكثرة أطفال الزنا.
كما تطالب تلك الوثائق بمساواة (النوع)، والتي تتضمَّن إباحة الشذوذ الجنسي والاعتراف بالشواذ وإعطاءهم كافة الحقوق؛ مما يعكس النمط الغربي بكل سيئاته الخلقية والسلوكية.
واختتم بيان هيئة علماء الجمعية الشرعية بالمطالبة بوقفة شجاعة مع ديننا وقيمنا وأخلاقنا وهويتنا الإسلامية قبل أن يجرفنا تيار التغريب والتبعية، ولنحصن أبناءنا وبناتنا ضد هذا السيل الجارف المحطِّم لمقومات شخصيتنا.